Sunday, April 28, 2013

الحياة في المغرب : تجربة امريكي


                                  

قبل انتقالي للمغرب بعدة شهور, كانت لي عدة احكام و وجهات نظر حول العيش في شمال افريقيا و الدول الاسلامية.
ماذا يتوجب علي فعله حين اسمع اذان الصلاة؟ هل سأعامل بتسامح كوني مسيحي ؟ هل سيسمح لي ان اختلط بالنساء؟
كانت هذه جل الاسئلة التي كانت تجتاح فكري كلما فكرت بالذهاب الى المغرب.
المغرب الذي كنت اتخيل هو المغرب في افلام هوليود, كلما فكرت في المغرب ..كانت تتراء لي الجمال و الخيام و الفرق الاجنبية الفرنسية و الف ليلة وليلة.
من قدومي الى المغرب, اهلي و اصدقائي في امريكا يسألونني مختلف الاسئلة : هل لديهم طرق سريعة عامة  في المغرب؟ هل لديهم هواتف نقالة في المغرب ؟ هل يمتلكون غسالات الية ؟ كما اني سمعت اسئلة عديدة متعلقة بالجمال و الصحراء.
الان انا هنا, عشت و اشتغلت في مدينة فاس لعدة اشهر و كنت نادرا ما ارى اجنبيا في هذه المنطقة. استطيع القول اني مغمور تماما وسط الثقافة المغربية, فأنا أكل الاكل المغربي, أصدقائي مغاربة, ملابسي مغربية ,كما اني سافرت و زرت عدة اماكن.
منذ وصولي, رأيت كفايتي من اجهزة التلفزيون و الهواتف النقالة و الطرق السريعة و السيارات الفاخرة الاوروبية الصنع, الا اني لا زلت انتظر الوقت الذي ارى فيه الصحراء و الجمال التي يتحدث عنها الجميع.
كثير من الغربيين يحملون افكارا خاطئة عن المغرب. انا نفسي لم اكن أعي بشكل صحيح شيئا الى حين قدومي الى هنا.
لا يتم عزل النساء المسلمات في جناح بعيد بالمنزل ليتم منعها من اي تعامل مع الرجال, بل النساء في المغرب يعملون جنبا الى جنب مع الرجال في جميع المجالات  و الوظائف تقريبا. و يجدر بي ذكر ان النساء في المغرب لسن جميعا محجبات فالمغرب هو كباقي الدول يتمتع بتنوع ناسه و ثقافته.
بعض النساء من المحجبات يرتدين قفزات كي لا يظهر منهن الا منطقة العينين حين ينظرن من خلال حجابهن, كما ان البعض منهن يعتبر غطاء الرأس وحده كافيا. في حين ان بعض النساء لا يغطين رؤوسهن و لا وجوههن و هذا لا يضايق احدا من افراد المجتمع.
و من الملاحظ كثيرا ايضا رأيت محجبات يمشين رفقة سيدات لا يرتدين سوى وشاح لو لا يغطين رؤوسهن على الاطلاق, فهن نساء تجمعهم صداقات وطيدة  رغم اختلاف قناعاتهم الدينية .
تتمتع النساء هنا بحقوقهن ايضا, بعض الناس يعتقدون خطأ بأن النساء المسلمات يعشن في اضطهاد لمجرد ان نسبة قليلة منهن لا يعشن حياة حرة. أنا أعتقد ان النساء في المغرب هن من اكثر النساء حرية في العالم الاسلامي, فهن يذهبن و يجيئن متى يحلو لهن, يقودون السيارات, و يمارسن الاعمال التجارية او باقي الاشياء الضرورية.
ينبغي على المرء ان يعرف انه و بخلاف للنساء في الغرب, فالإسلام ضمن للمرأة حق التملك و الوراثة للممتلكات.  كما ان الحضارة الاسلامية عرفت عدة نساء قويات كان لهن تأثير قوي على مدى هاته الحضارة.
ففي فاس و على سبيل المثال, ستجد كنيس يهودي و مسجد الجامعة والذي تم تأسيسه من طرف نساء. جامعة القروين التي أسستها فاطمة الفهرية و تشتهر بكونها أقدم جامعة في العالم  تعمل بكيفية مستمرة, فمن الواضح ان النساء لم تكن محتجزة في اماكن مخصصة للحريم طوال اليوم بل كانت تلعب دورا هاما و مؤثرا في مجتمعاتهن.
و يجدر بي الاشارة الى ان المغرب هو دولة في طور التقدم تتمتع بشوارع واسعة و مرصفة ,كما ان في فاس توجد نوافير في كل منعطف .
كما شهدنا دعاية كبيرة لمشروع الملك لبناء خط الترام في الرباط و الذي يبدو انها كانت تجربة ناجحة. وخلافا لما قد يظن البعض فلدينا كهرباء و مياه جارية و كل متطلبات الحياة المريحة في هذا العصر الحديث. فلم ينقصني اي شيء مما كنت معتادا عليه في امريكا حتى مزيجي المفضل من تبغ الغليون.
يتمتع المغرب ايضا بقدر كبير من التسامح, فقبل سفري الى المغرب, فقد حذرني الكثير من الاصدقاء بخطورة ما أنا مقدم عليه خصوصا انني مسيحي و على وشك الانتقال الى دولة اسلامية. فالمسلمون يكرهون المسيحين ,هذا ما يقولون, ربما كان هذا صحيحا في بعض الاماكن لست ادري فمنذ مجيئي الى المغرب كنت اتناول طعامي مع مسلمين و نمت في بيوت لهم و اهتمت بي ممرضة منهم  حين مرضت لم احس باضطهاد او تمييز او احتقار في شخصي قط لكوني لست مسلما. اصدقائي كانو على دراية بأني لم اصم شهر رمضان و لم يزعجهم ذلك البته.
في الواقع, قمت بزيارة بعض الأصدقاء مسلم خلال شهر رمضان, وقد اصروا ان يعدوا لي طعاما لكي يتسنى لي تناول الطعام خلال النهار كالمعتاد بالنسبة لي. هم لا يتنولون الطعام الى حين الغسق و رغم ذلك لم يطلب مني احد ان اصوم معهم. ولم يحاول قط احد من اصدقائي المسلمين من مجيئي الى المغرب ان يقنعني باعتناق الاسلام. ببساطة ديانتي لا تشكل بنسبة لهم ادنى قلل.
انا الان اعيش في المغرب, مفاهيمي الان تتمتع بأسس اقوى و اصح و قد تم تصحيح جل المفاهيم الخاطئة و موافقتها مع الحقيقة.
الان اعلم أنني حين اسمع اذان الصلاة استطيع تجاهله. فالحياة عندي لا تتوقف حينها. الان اعلم ان معظم الناس لا يكترثون لديانتي و لا شيء يدعوني للقلق باحتمال تمييز عنصري و ديني في حقي. كثير من المسلمين يدعونني اخا او صديقا و انا متيقن انهم صادقون في مشاعرهم. أستطيع التواصل مع النساء, استطيع مرافقتهم, المشي و الحديث معهن سوى في الطريق او في منازلهن دون ادنى مشكلة. من السهل العيش في مجتمع اسلامي و انا مرتاح جدا هنا, و أعتقد بأنني سأبقى في المغرب وقتا أطول.

                                                                            جيس ل نورتون : مراسل المغرب اخبار العالم في فاس المغرب

  
English version: here

No comments:

Post a Comment